العناصر:
- هل تموت الروح؟
- الروح بعد الموت في البرزخ
- الروح بعد الموت هَل تعرف و تسْتَأْنس زِيَارَة الْأَحْيَاء وسلامهم ؟
- الروح بعد الموت هَل تتلاقي وتتزاور وتتذاكر ؟
- الروح بعد الموت تُعَاد إِلَى الْمَيِّت فِي قَبره وَقت السُّؤَال؟
- أرواح الشهداء بعد الموت .
- أرواح الشهداء .
- الأرواح المحبوسة على باب الجنة.
- الأرواح المحبوسة في قبره .
- الأرواح المحبوسة في الأرض.
- أرواح تكون في التنور .
- وأرواح في نهر الدم تسبح فيه.
هل تموت الروح؟
فيه قولان:
القول الأول: تَمُوتُ، لِأَنَّهَا نَفْسٌ، وَكُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ - وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الْقَصَصِ: 88] . قَالُوا: وَإِذَا كَانَتِ الْمَلَائِكَةُ تَمُوتُ، فَالنُّفُوسُ الْبَشَرِيَّةُ أَوْلَى بِالْمَوْتِ.
القول الثاني: لَا تَمُوتُ الْأَرْوَاحُ، فَإِنَّهَا خُلِقَتْ لِلْبَقَاءِ، وَإِنَّمَا تَمُوتُ الْأَبْدَانُ. قَالُوا: وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ الْأَحَادِيثُ الدَّالَّةُ عَلَى نَعِيمِ الْأَرْوَاحِ وَعَذَابِهَا بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ إِلَى أَنْ يُرْجِعَهَا اللَّهُ فِي أَجْسَادِهَا.
الكتاب: شرح العقيدة الطحاويةالمؤلف: صدر الدين محمد بن علاء الدين عليّ بن محمد ابن أبي العز الحنفي، الأذرعي الصالحي الدمشقي (المتوفى: 792هـ)
والصواب كما قال ابن القيم رحمه الله أن يقال
"موت النفوس هو مفارقتها لأجسادها، وخروجها منها، فإن أريد بموتها هذا القدر فهي ذائقة الموت.
قال ابن تيمية رحمه الله:
"وقد ثبت في الكتاب والسنة، واتفاق سلف الأمة أن الروح تبقى بعد فراق البدن، وأنها منعمة أو معذبة"1. 1_ مجموع الفتاوى 4/283. وقال في موضع آخر: "لكن موتها مفارقة الأبدان"2. 2_ مجموع الفتاوى 4/279.
الأرواح بعد الموت مستقر الأرواح في البرزخ:
قال ابن القيم رحمه الله: "الأرواح متفاوتة في مستقرها في البرزخ أعظم تفاوت. فليس للأرواح سعيدها، وشقيها مستقر واحد.بل روح في أعلى عليين، وروح أرضية سفلية لا تصعد عن الأرض"1.
بعد الموت أرواح الأنبياء : في أعلى عليين في الملأ الأعلى، _ وهم متفاوتون في منازلهم كما رآهم النبي " ليلة الإسراء.
بعد الموت أرواح الشهداء
أرواح بعض الشهداء : في حواصل طير خضر تسرح في الجنة حيث شاءت، وهي بعض لا جميعهم،
أرواح بعض الشهداء من تحبس روحه عن دخول الجنة؛ لدين عليه، أو غيره، كما في المسند عن محمد بن عبد الله بن جحش أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! ما لي إن قتلت في سبيل الله؟
قال: "الجنة"فلما ولى قال: "إلا الذي سارَّني به جبريل آنفاً".
الأرواح المحبوسة على باب الجنة : كما في الحديث الآخر: "رأيت صاحبكم محبوساً على باب الجنة".
وكما في حديث ابن عباس: "الشهداء على بارق نهر باب الجنة في قبة خضراء، يخرج عليهم رزقهم من الجنة بكرة وعشية" رواه أحمد. وهذا بخلاف جعفر بن أبي طالب، حيث أبدله الله بيديه جناحين يطير بهما في الجنة حيث شاء.
الأرواح المحبوسة في قبره : كحديث صاحب الشملة التي غلَّها، واستشهد، فقال الناس: هنيئاً له الجنة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده إن الشملة التي غلها لتشتعل عليه ناراً في قبره".
الأرواح المحبوسة في الأرض : ومنهم من يكون محبوساً في الأرض لم تعلُ روحه إلى الملأ الأعلى؛ فإنها كانت روحاً سفلية أرضية؛ فإن الأنفس الأرضية لا تُجَامع الأنفس السماوية كما لا تجامعها في الدنيا، والنفس التي لم تكتسب في الدنيا معرفة ربها، ومحبته، وذكره، والأنس به، والتقرب إليه، بل هي أرضية سفلية _ لا تكون بعد المفارقة لبدنها إلا هناك.
الروح ص 187_188، وانظر شرح العقيدة الطحاوية ص401_404.
نعم ,,,, تعرف و تسْتَأْنس الْأَمْوَات زِيَارَة الْأَحْيَاء وسلامهم
وَالسَّلَف مجمعون على هَذَا وَقد تَوَاتَرَتْ الْآثَار عَنْهُم بِأَن الْمَيِّت يعرف زِيَارَة الْحَيّ لَهُ ويستبشر بِهِ
قَالَ أَبُو بكر عبد الله بن مُحَمَّد بن عبيد بن أَبى الدُّنْيَا فِي كتاب الْقُبُور بَاب معرفَة الْمَوْتَى بزيارة الْأَحْيَاء.
حَدثنَا مُحَمَّد بن عون حَدثنَا يحيى بن يمَان عَن عبد الله بن سمْعَان عَن زيد بن أسلم عَن عَائِشَة رضى الله تَعَالَى عَنْهَا قَالَت قَالَ رَسُول الله مَا من رجل يزور قبر أَخِيه وَيجْلس عِنْده إِلَّا استأنس بِهِ ورد عَلَيْهِ حَتَّى يقوم.
وَقد ثَبت فِي الصَّحِيح أَن الْمَيِّت يسْتَأْنس بالمشيعين لجنازته بعد دَفنه فروى مُسلم فِي صَحِيحه من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن شماسَة المهرى قَالَ حَضَرنَا عَمْرو بن الْعَاصِ وَهُوَ فِي سِيَاق الْمَوْت فَبكى طَويلا وحول وَجهه إِلَى الْجِدَار فَجعل ابْنه يَقُول مَا يبكيك يَا أبتاه أما يُشْرك رَسُول الله بِكَذَا فَأقبل بِوَجْهِهِ فَقَالَ إِن أفضل مَا نعد شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله وإنى كنت على أطباق ثَلَاث لقد رأيتنى وَمَا اُحْدُ أَشد بغضا لرَسُول الله منى وَلَا أحب إِلَى أَن أكون قد اسْتَمْكَنت مِنْهُ فَقتلته فَلَو مت على تِلْكَ الْحَال لَكُنْت من أهل النَّار فَلَمَّا جعل الله الاسلام فِي قلبى لقِيت رَسُول الله فَقلت ابْسُطْ يدك فلأبايعك فَبسط يَمِينه قَالَ فقبضت يدى قَالَ فَقَالَ مَالك يَا عَمْرو قَالَ قلت أردْت أَن اشْترط قَالَ تشْتَرط مَاذَا قلت أَن يغْفر لى قَالَ أما علمت أَن الْإِسْلَام يهدم مَا كَانَ قبله وَأَن الْهِجْرَة تهدم مَا كَانَ قبلهَا وَأَن الْحَج يهدم مَا كَانَ قبله وَمَا كَانَ أحد أحب إِلَى من رَسُول الله وَلَا أجل فِي عينى مِنْهُ وَمَا كنت اطيق أَن أملأ عَيْني مِنْهُ إجلالا لَهُ وَلَو سُئِلت أَن أصفه مَا أطقت لأنى لم أكن أملأ عينى مِنْهُ وَلَو مت على تِلْكَ الْحَال لرجوت أَن أكون من أهل الْجنَّة ثمَّ ولينا أَشْيَاء مَا أدرى مَا حالى فِيهَا فَإِذا أنامت فَلَا تصحبنى نائحة وَلَا نَار فَإِذا دفنتموني فسنوا على التُّرَاب سنا ثمَّ أقِيمُوا حول قَبْرِي قدر مَا تنحر جزور وَيقسم لَحمهَا حَتَّى أستأنس بكم وَأنْظر مَا أراجع بِهِ رسل رَبِّي فَدلَّ على أَن الْمَيِّت يسْتَأْنس بالحاضرين عِنْد قَبره وَيسر بهم
وَقد ذكر عَن جمَاعَة من السّلف أَنهم أوصوا أَن يقْرَأ عِنْد قُبُورهم وَقت الدّفن قَالَ عبد الْحق يرْوى أَن عبد الله بن عمر أَمر أَن يقْرَأ عِنْد قَبره سُورَة الْبَقَرَة وَمِمَّنْ رأى ذَلِك الْمُعَلَّى بن عبد الرَّحْمَن وَكَانَ الامام أَحْمد يُنكر ذَلِك أَولا حَيْثُ لم يبلغهُ فِيهِ أثر ثمَّ رَجَعَ عَن ذَلِك
الكتاب: الروح في الكلام على أرواح الأموات والأحياء بالدلائل من الكتاب والسنة
المؤلف: محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية (المتوفى: 751هـ)
أَن الْأَرْوَاح قِسْمَانِ :
- أَرْوَاح معذبة
- وأرواح منعمة
فالمعذبة : فِي شغل بِمَا هى فِيهِ من الْعَذَاب عَن التزاور والتلاقي .
والأرواح المنعمة : الْمُرْسلَة غير المحبوسة تتلاقي وتتزاور وتتذاكر مَا كَانَ مِنْهَا فِي الدُّنْيَا وَمَا يكون من أهل الدُّنْيَا فَتكون كل روح مَعَ رفيقها الَّذِي هُوَ على مثل عَملهَا وروح نَبينَا مُحَمَّد فِي الرفيق الْأَعْلَى قَالَ الله تَعَالَى {وَمن يطع الله وَالرَّسُول فَأُولَئِك مَعَ الَّذين أنعم الله عَلَيْهِم من النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحسن أُولَئِكَ رَفِيقًا} وَهَذِه الْمَعِيَّة ثَابِتَة فِي الدُّنْيَا وَفِي الدَّار البرزخ وَفِي دَار الْجَزَاء والمرء مَعَ من أحب فِي هَذِه الدّور الثَّلَاثَة
وروى جرير عَن مَنْصُور عَن أبي الضحي عَن مَسْرُوق قَالَ قَالَ أَصْحَاب مُحَمَّد مَا يَنْبَغِي لنا أَن نُفَارِقك فِي الدُّنْيَا فَإِذا مت رفعت فَوْقنَا فَلم نرك فَأنْزل الله تَعَالَى {وَمن يطع الله وَالرَّسُول فَأُولَئِك مَعَ الَّذين أنعم الله عَلَيْهِم من النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحسن أُولَئِكَ رَفِيقًا}وَقد أخبرنَا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَن الشُّهَدَاء بِأَنَّهُم أَحيَاء عِنْد رَبهم يرْزقُونَ وَأَنَّهُمْ يستبشرون بالذين لم يلْحقُوا بهم من خَلفهم وَإِنَّهُم يستبشرون بِنِعْمَة من الله وَفضل وَهَذَا يدل على تلاقيهم من ثَلَاثَة أوجه أَحدهَا أَنهم عِنْد رَبهم يرْزقُونَ وَإِذا كَانُوا أَحيَاء فهم يتلاقون الثَّانِي أَنهم إِنَّمَا اسْتَبْشَرُوا باخوانهم لقدومهم ولقائهم لَهُم الثَّالِث ان لفظ يستبشرون يُفِيد فِي اللُّغَة أَنهم يبشر بَعضهم بَعْضًا مثل يتباشرون .
وَقد جَاءَت سنة صَرِيحَة بتلاقي الْأَرْوَاح وتعارفها قَالَ ابْن أبي الدُّنْيَا حَدثنِي مُحَمَّد بن عبد الله بن بزيغ أَخْبرنِي فُضَيْل بن سُلَيْمَان النميري حَدثنِي يحيى بن عبد الرَّحْمَن بن أبي لَبِيبَة عَن جده قَالَ لما مَاتَ بشر بن الْبَراء بن معْرور وجدت عَلَيْهِ أم بشر وجدا شَدِيدا فَقَالَت يَا رَسُول الله إِنَّه لَا يزَال الْهَالِك يهْلك من بني سَلمَة فَهَل تتعارف الْمَوْتَى فَأرْسل إِلَى بشر بِالسَّلَامِ فَقَالَ رَسُول الله نعم وَالَّذِي نفسى بِيَدِهِ يَا أم بشر انهم ليتعافون كَمَا تتعارف الطير فِي رُءُوس الشّجر وَكَانَ لَا يهْلك من بنى سَلمَة إِلَّا جَاءَتْهُ أم بشر فَقَالَت يَا فلَان عَلَيْك السَّلَام فَيَقُول وَعَلَيْك فَتَقول اقْرَأ على بشر السَّلَام
الكتاب: الروح في الكلام على أرواح الأموات والأحياء بالدلائل من الكتاب والسنة
المؤلف: محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية (المتوفى: 751هـ)
نعم تُعَاد إِلَى الْمَيِّت فِي قَبره وَقت السُّؤَال كما جاء في الحديث فَقَالَ الْبَراء بن عَازِب كُنَّا فِي جنازه فِي بَقِيع الْغَرْقَد فَأَتَانَا النَّبِي وَسلم فَقعدَ وقعدنا حوله كَأَن على رءوسنا الطير ...... فتعاد روحه فِي جسده فيأتيه ملكان فيجلسانه فَيَقُولَانِ لَهُ من رَبك فَيَقُول رَبِّي الله فَيَقُولُونَ لَهُ مَا دينك فَيَقُول دينى الْإِسْلَام فَيَقُولَانِ لَهُ مَا هَذَا الرجل الَّذِي بعث فِيكُم فَيَقُول هُوَ رَسُول الله فَيَقُولَانِ لَهُ وَمَا علمك بِهَذَا فَيَقُول قَرَأت كتاب الله فآمنت بِهِ وصدقت ........ فتعاد روحه فِي جسده ويأتيه ملكان فَيَقُولَانِ لَهُ من رَبك فَيَقُول هاه هاه لَا أدرى فَيَقُولَانِ لَهُ مَا هَذَا الرجل الذى بعث فِيكُم فَيَقُول هاه هاه لَا أدرى فينادى مُنَاد من السَّمَاء ان كذب عَبدِي فأفرشوه من النَّار ..... رَوَاهُ الإِمَام أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وروى النَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه أَوله وَرَوَاهُ أَبُو عوَانَة الأسفرائينى فِي صَحِيحه.
وَذهب إِلَى القَوْل بِمُوجب هَذَا الحَدِيث جَمِيع أهل السّنة والْحَدِيث من سَائِر الطوائف
قَالَ شيخ الْإِسْلَام :
الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة المتواترة تدل على عود الرّوح إِلَى الْبدن وَقت السُّؤَال وسؤال الْبدن بِلَا روح قَول قَالَه طَائِفَة من النَّاس وَأنْكرهُ الْجُمْهُور وقابلهم آخَرُونَ فَقَالُوا السُّؤَال للروح بِلَا بدن وَهَذَا قَالَه ابْن مرّة وَابْن حزم وَكِلَاهُمَا غلط وَالْأَحَادِيث الصَّحِيحَة ترده وَلَو كَانَ ذَلِك على الرّوح فَقَط لم يكن للقبر بِالروحِ اخْتِصَاص الكتاب: الروح في الكلام على أرواح الأموات والأحياء بالدلائل من الكتاب والسنة المؤلف: محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية (المتوفى: 751هـ)
إقرأ ...للمزيد