غزوات النبي هجومية كانت أم دفاعية

غزوات النبي هجومية كانت أم دفاعية

حروب المسلمين كانت هجومية أم دفاعية هدف الغزوات الاسلامية




غزوات النبي صلي الله عليه 
وسلم دفاعية كانت أم هجومية؟

٭ إن النبي ﷺ قد كان غزا مع المشرکین واليهود والنصارى، وغزواته مع المشرکین ما كانت إلا اضطرارا، و ما بدءها ابدا ، وغزواتہ مع اليهود فكانت بسبب نقذهم العهود التي كانت بينهم و بين النبيﷺ الواحدۃ تلو الاخرى فاصبح من الحكمة اتخاذ موقف حازم ازاء ما فعله اليهود،  وغزواته مع النصاری، فالنصاری ايضا بداؤوا أولا حينما رأوا ازدياد قوۃ المسلمين و انتشار الاسلام في الجزيرة العربية، والاعتراضات علي حروبه و غزواته كلها داحضة وباطلة لا حقيقة لھا من الصحة كما يأتي۔۔ 


بسم الله الرحمان الرحيم

 : الأمر المتقدم
ولد سيد المرسلين خاتم النبيين محمد بن عبد الله بشعب بني هاشم بمكۃ اطهر بقاع الارض في صبيحۃ يوم الاثنين التاسع من شھر ربيع الأول لأول عام من حادثۃ الفیل ۔ (1) و هو ولد يتيما و ماتت أمه في سن مبكرۃ فرباہ جده عبد المطلب ثم عمہ ابو الطالب ، و کان یرعی الغنم و يعمل في التجارۃ خلال سنوات شبابہ، حتى تزوج من خديجۃ بنت خويلد في سن الخامس والعشرين وأنجب منها كل اولاده باستثناء ابراهيم۔
وفي سن الأربعين نزل عليه الوحي بالرسالۃ فدعا الى عبادۃ الله وحده و نبذ الشرک وكانت دعوتہ سریۃ لثلاث سنوات ، تبعھن عشر أخر يهاجر بها في كل مكان، ثم كانت الهجرۃ الى المدينۃ بعد شدۃ بأس من رجال قريش و تعذيب للمسلمين،فاسس بها دولۃ الاسلام وعاش بها عشر سنوات تخللھاها كثير من مواجهات الكفار و المسلمين التي عرفت بالغزوات وتوفي رسول الله صلى الله عليه و سلم حين اشتدت الضحى من يوم الاثنين الثاني عشر من شهر ربيع الاول سنۃ احدى عشرۃ متمما ثلاث و ستین سنۃ و أربعۃ أیام ۔2
تعريف الغزوۃ والسريۃ والفرق بينهما
الغزوۃ قال صاحب اللسان غزاه غزوا اذا ارادہ وطلبه و قصده واصطلاحا: هي كل قتال خرج فيه رسول الله صلى الله عليه و سلم للقاء العدو  سواء حدث فيه قتال ام لم يحدث ۔ والسريه في اللغة : هي التي تخرج بالليل(4) و فی الاصطلاح : ھی عبارۃ عن مجموعۃ من مقاتلی المسلمين هدفھا إما التجسس على العدو وبث الخوف۔ واما الفرق بينهما الغزوۃ هي ما كان يحضرها النبي صلى الله عليه و سلم بنفسه والسریۃ هي التي لم يحضرها النبي ﷺ ۔
عدد الغزوات والسرايا
ولقد اختلف اهل المغازي في عدد غزواته ﷺ و سرایاہ، فذكرابن السعدي في الطبقات الكبری ان عدد مغازي رسول الله صلى الله عليه و سلم التی غزا فيها بنفسه سبع و عشرین غزوۃً ،و کانت سراياہ التي بعث بها 47 سريۃ(5) و في صحيح مسلم احدى وعشرون غزوۃ (6) وقيل غير ذلك في عدد الغزوات والسرايا ۔
تشريع الجهاد الاسلامي
الجهاد مصطلح شرعي يراد بہ القتال في سبيل الله لاِقامۃ نظام عادل يلتزم باحكام الشريعۃ ويسعى لتحقيق اهداف الاسلام في المعمورۃ، و لم يشرع الجهاد في الاسلام في العهد المكي بل أمر المسلمون بأ لا يواجهوا المشركين بالقوۃ و ألا يحملوا السلاح في وجوههم ، و لما هاجر المسلمون الى المدينۃ ‏ وآزر الانصاردعوۃ الاسلاي و صارت للمسلمين اَرض يتملکون السيادۃ عليها شرع الله تعالى الجهاد ، وكان الاذن بالقتال دفاعا عن النفس اولیٰ المراحل وذلك في الاٰيۃ الكريمۃ: "اذن للذين يقاتلون بانهم ظلموا وان الله على نصرهم لقدير" (7) ثم اُمر المسلمون بالقتال دفاعا عن النفس و العقیدۃ فی ا لاٰیۃ الکریمۃ : " وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا اِن الله لايحب المعتدين" (8)
وكانت هذه هي المرحلۃ الثانيۃ في تشريع الجهاد۔
ثم كانت المرحلۃ الثالثۃ وهذه ايضا تتمثل فی الامربقتال من يبدأ من المشركين قال تعالى :" وقاتلوهم حتى لاتكون فتنۃ ويكون الدين لله فان انتهوا فلا عدوان الا على الظالمین " ۔ (9) وبين الشيخ ابن سعدي رحمه الله دلالۃ الايۃ : باَن الله ذكر المقصود من القتال في سبيله و انه ليس المقصود به سفک دماء الکفارواَخذ اموالهم ولكن المقصود ان يكون الدين لله (10) وهذه المنهجيۃ الاسلاميۃ كلها تبين و توضح مراد الاِسلام من الجهاد باَنه لاِعلاء كلمۃالله فاِذا تحققت فلا عدوان و لا اعتداء ، لان الاسلام لا يامر اتباعه باالاِعتداء و الظلم بل ینھاھم عن ذالک ۔
و اود ان لا یطیل الكلام في الاَمر الخارج عن البحث بل اريد ان اتكلم بالموضوع الاساسي، و أبين في هذه العجالۃ بعون الله ان غزوات النبي كلها كانت دفاعيۃ وان رسول الله ﷺ لم يبدا احدا بحرب ولاقتال و انما دفع الى ذلك دفعا ۔ و هذا هو الشيء الوحيد اللذي يتضح لنا عن يقين من دراسۃ غزواته وبصفۃ خاصۃ من مطالعۃ اسباب غزواته ودوافعھا ولذا رکز الكلام اکثر فاَکثر علی اسباب الغزوات ودوافعها، و لقد قسمت الکلام في ثلاث مقالات لكي یسهل فهم الموضوع و هي غزوات الرسول مع المشركين ودوافعهاوغزوات الرسول ﷺ مع اليهود و غزوات الرسول ﷺ مع النصاری و دوا فعها۔
اولا غزوات الرسول مع المشركين ودوافعها
نعلم جميعا ان المشركين هم اكثر من آذى رسول اللهﷺ والمسلمين، بل اِنهم لم يكتفوا بالايذاء فطردوا المسلمين من مكۃ التي هي وطنهم الذي ولدوا وتربوا فيه، واستولوا على ممتلكاتهم من الاَموال و البيوت ومع هذا كله لم يفكر رسول اللهﷺ طوال اِقامتہ في مكۃ ان یعتدی علي احد من المشركين مع ما كان لہ من عزۃ و منعۃ،فھو من ارقى عائلۃ في مكۃ،و من اعز بطون قريش وصاحب النسب و الشرف الا ان لہ رسالۃ سامیۃ يريد ان يؤ ديها فكان يتحمل الایذاء الى ابعد الحدود ویحث اصحابه علي الصبر وعدم مقابلۃ السيئۃ بمثلها، الا ان قريشا تمادت في غيها وضلالها وكبريائها فكان لا بد من وقفات حازمۃ ترد للمسلمين بعض حقوقهم المسلوبۃ واموالهم المنهوبۃ وهذا من دون شك امر لاينكره عاقل ولا يعارضہ صاحب رای سديد
غزوۃ بدر الكبرى
اول غزوۃ وقعت بين الرسول ﷺ والمشركين غزوۃ بدر و هي تمثل اولی الصدمات الحقيقيۃ بين المشركين و المسلمين ،واذا تدارسنا اسباب هذه الغزوۃ في هدوءو رویۃ لوجدنا ان المسلمين قد دفعوا اليها دفعا وانهم لم يكن في نيتهم القتال ، و انما اضطرھم المشركون من قريش الیہ۔
فاهل مكۃ الكافرون هم الذين بداؤا بايقاع الظلم على المسلمين، ولم يكن الظلم ظلما واحدا بل کان ظلما متعددا مركبا فظلم في الجسد بالتعذيب والحرق والاغراق و القتل احيانا، وظلم في المال بمصادرته بدون وجہ حق و اغتصابہ بالقوۃ ،وظلم في الديار بالطرد منها واخذها بل بیعھا واكل ثمنها وظلم في النفس والسمعۃ بالسب والقذف و تشویہ السمعۃ وظلم فی الحريۃ بالحبس و العزل عن المجتمع۔
فماذا يفعل المسلمون لرفع هذا الظلم ؟ ولقد اضطر المسلمون للهجرۃ و ترك الديار والا موال و الاهل و كل شي، و كانت هجرتهم مرتين الى الحبشۃ ، ثم الى المدينه و لم يتركهم كفار مكۃ يعيشون في امان هناك بل طاردوھم و حاصروھم و حضوا مشركي المدينۃ ويھودها لاستئصال المسلمين تماما من على وجه الارض۔
فماذا يجب ان یفعل المسلمون اِزاء هذه الافعال؟ هل ينبغي على المسلمين ان يسلموا رقابهم و رقاب اولادهم لسيوف قريش؟؟ ام كان عليهم ان یحملوامتاعهم وعیالهم الى بلد آخر؟ اان ای عاقل اوحر لن يجد امامه سبيلا الا المقاومۃ لدفع الشر وقمع الفساد و هذا ما فعله المسلمون ، ولما لم تكن لهم طاقۃ بغزو مكۃ واسترداد ثرواتهم المنهوبۃ فكروا في مهاجمۃ قوافل مكۃ التجاريۃ المارۃ على طريق المدينۃ ولقد كانت محاولۃ لرفع الظلم الواقع علي کواھلهم منذ سنوات۔
ان المستشرقين يلومون المسلمين انھم هاجموا قوافل قريش التي استولت على اموالهم وديارهم الم یكون من الاجدر بھم ان یلوموا قریشا التي سلبت المسلمين كل ما يملكون ظلمنا عدوانا۔
و بعد ان نجا ابو سفيان بقافلتہ التجاریۃ كان من الممكن لجيش قريش الآتي من مكۃ الى غزوالمسلمين ان يرجع من مكانہ و ان لا يحارب او يدخل في قتال مع المسلمين ولكن اصرار بعض قادتها علي الحرب و خاصۃ تحميس ابي جهل للناس و هو الذي ورطهم في القتال، ودارت معركۃ من اشرس المعارك في تاريخ الاسلام، انتهت بهزيمۃ ساحقۃ للمشركين وقتل سبعین من قادتهم و اسر سبعین آخرین وتحصيل قدر من الغنائم عوض المسلمين عن بعض اموالهم المسلوبۃ۔
غزوه احد
ورغم ما اصاب قريشا في بدرفانها لم تتعظ و لم تتراجع عن غيها بل تمادت فاوقفت التصرف في قافلۃ ابي سفيان التي افلتت في بدر لتجهيز الجيش باموالها لحرب المسلمين، و لم تكتف قريش بتجهيز الجيش من داخل مكۃ بل بدءت تستنفر القبائل المحيطۃ بھا للمساعدۃ لها وكونت قريش بالفعل جيشا کبیرا وھنا اضطر المسلمون لخوض الحرب مرۃ اخرى دفاعا عن انفسهم وعن الدولۃ الاسلاميۃ فکانت غزوۃ احد۔
جائت قريش بجيش قوامه ثلاث آلآف مقاتل، وكان قائدهم ابو سفيان(11) و خرج المسلمون للمشركين في سبع مِائۃ مقاتل ودارت المعركۃ المشهورۃ التي انتهت بالمصاب الاَلیم الذي اصاب المسلمين واستشهد من المسلمين السبعون على راسھم حمزۃ بن عبد المطلب رضي الله عنه و قامت قريش بالجريمۃ الشنعاء اذ مثلت بجثث الشهداء المسلمين مخالفۃ بذلك كل الاَعراف والقیم و وضح للجميع مدی الحقد والكراهۃ التي يحملها المشركون في قلوبهم للمسلمين۔
فعلم من غزوۃ احد انها ايضا كان دفاعيۃ من المسلمين لاَن المشركين هم بداؤا وجاءوا الى المدينۃ لانتقام البدر۔
غزوۃ الاحزاب
وكان من الممكن ان تكتفيَ قريش بهذه المعركۃ اي احد لانها كانت فی مقابل معركۃ بدر ولكن مشركي قريش ابَو الاان یستاصلوا المسلمين من المدينۃ بشكل نهائي وجمعت قريش بمعاونۃ اليهود عشرۃ آلاف مقاتل و تحزبوا جمیعا و كان الهدف الاَوحد هو انهاء الوجود الاسلامي تماما من المدينۃ و تحركت هذه الحشود الهائلۃ لتحيط بالمدينۃ التي یقطنھا المسلمون ۔فاضطر المسلمون مرۃلبذل جهود جبارۃ لحمايۃانفسهم من الشر المحدق بھم، فحفروا خندقا حول المدينۃ لکی لا يستطيع الجيش المهاجم الدخول اليها ومع هذا فقد حاول بعض المشركين اقتحام الخندق لقتال المسلمين و كان لابد من مواجهۃ ذلك التحالف الضخم الآتي لاِقتلاع دولۃ الاسلام فكانت غزوۃ الاحزاب۔
فھل یلام المسلمون علی دفاعھم عن المدينۃ و قتالھم للمشركين وقد جاء المشركون بهدف الاِستئصال الجذري بهم واِبادتهم بشكل جماعي ؟؟؟ كلا۔
غزوه بني المصطلق
ثم بلغ رسول الله ﷺ ان بني المصطلق يجمعون له (12)ويعدون عدتھم لغزوالمدينۃ فكان لابد من تفادی ما حدث قريبا في الاحزاب و ذلك لتوجيه ضربۃ قویۃ لبنى المصطلق توقف حركاتهم و تحمي المدينۃ من شرورهم۔
صلح الحديبيۃ
ها هو رسول اللهﷺ يتجه الى مكۃ یريد اداء العمرۃ و لم يرد القتال ابدا ، و يثبت ذلك كلامہ يوم الحديبيۃ:" والله لا تدعوني قريش اليوم الى خطۃ يسالوني فيها صلۃ الرحم الا اعطيتهم اياها"۔13
و لقد استقبل رسول اللهﷺ سهيل بن عمرو مفاوض قريش وكان ارغب مايكون في موادعۃ القوم وان كان قادرا علی تحکیم السییف وانزال خصومه علی منطقته التي آثروها مذ صدوہ عن البیت وتكلم سهيل فاطال وعرض الشروط التي يتم في نطاقها الصلح وواقف عليها النبيﷺ ولم يبق الا ان تسجل في وثيقۃ يمضيها الطرفان ورغم ما في هذه الشروط من اجحاف ظاهر اعترض عليه الصحابۃ الا ان النبيﷺ آثر الموادعۃ لانه يريد تجنب القتال و عدم الدخول في الحروب۔
فتح مكۃ
و كان ينبغي بناء على بنود الصلح ان یدخل من شاء في حلف النبي ﷺ اوفي حلف قريش، وتطبق عليه احكام الصلح وقد دخلت قبيلۃ خزاعۃ فی حلف المسلمين و دخلت بنو بكر في حلف قريش ولكن بكرا الموتورۃ من خزاعۃ بفعل ثار قدیم بيتت رجالا من خزاعۃ وقتلوهم فلما استجار الخزاعيون بالحرم انتهکت بنو بكر حرمۃ البيت وقتلتهم بداخلہ وقد شارک في ذلك العديد من فرسان قريش، واستنجدت خزاعۃ بالنبيﷺ وكان حقا عليه ان یفی بعھدہ و ینصر حلفائه و یعاقب قريشا التي نقضت العهد فكان فتح مكۃ فھل یلام رسول اللهﷺ علي حربہ لمن نقض عهده وقتل حلفائه ؟؟؟كلا ۔
غزوۃ حنين
بعد فتح مكۃ اكل الغل قلوب قبيلۃ هوازن فجمعوا الجموع لرسول الله ﷺ وظنوا انهم قادرون على اطفاء نورالله واخماد جذوۃ الحق ولكن رسول الله ﷺ وصلته الاخبار فتجهز هو و المسلمون للقائهم و خرجوا اليهم في سهل حنين فكانت غزوۃ حنين۔
هذه هي حروبہ مع المشركين ما كانت الااضطرارا و ما بدئھا ابدا ولكنهم دائما كانوا يبداؤن وما ظلمهم لحظۃ واحدۃو لكنهم كانوا دائما يظلمون وبرغم كل ذلك لم يكن متشفیا فيهم ابدا  و لا حاقداعليهم بل كان یتحین الفرص للعفو، ويكثر من قبول الاعذار ، و لا يجعل الحرب الا آخر دواء ، و لم يكن مرۃ او مرتين في حياتہ بل كان كذلك على الدوام فاي حروب مع المشركين بعد ان شرحنا اسبابها كان من الممكن اي تجنبها؟؟ واي المعارك كان من الممكن الا يخوضها؟؟۔
ثانيا : غزوات الرسول ﷺ مع اليهود ودوافعھا
لم يختلف اليهود كثيرا عن المشركين فبعد ان عاھدهم رسول الله ﷺ و وفی بعھدهم، واحسن معاملتهم ما كان منهم الا الِاساءۃ ونكران الجميل و التقول على الله ورسوله و على المؤمنين ومحاولۃ تشكيك المسلمين فيما يعتقدونه من الحق، و قد صبر علیھم رسول اللہ ﷺ كثيرا و عفی عن الکثیر من اخطائھم و لم یعاقبھم علیھا رغم فداحتھا اِلا ان الامر بلغ حدا لا یطاق فاصبح من الحکمۃ ان یتم اتخاذ موقف حازم ازاء ما یفعلہ الیھود ۔
بنو قينقاع
بدأت قبائل اليهود في نقض العهود الواحدۃ تلو الاخری فقام يهود بني قينقاع بفعل فاحش، تمالأوا علي الاعتداء علي شرف اِمرءۃ مسلمۃ كانت تشتري من سوقھم بعض حاجتها كما اجتمعوا على قتل رجل مسلم،(14) واليهود بهذا الفعل الفاحش وهذه الجريمۃ التي ارتكبوها اصبحوناقضین لعھدهم مع رسول اللہ ﷺ فاجلاھم رسول الله ﷺ عن المدينۃ مع انه صلى الله عليه و سلم على استطاعۃ تامۃ بقتلهم ان يقتلهم جميعا بل اکتفیٰ باِجلائهم عن المدينه وھذا يعد عفوا عظيما عن اناس یستحقون القتل لنقضھم العھد و اعتدائھم على حرمات المسلمين وتمالئهم على ذلك ۔
بني نضير
لم يؤخذ رسول الله ﷺ طوائف اليهود الاخرى بفعل اخوانهم من بني قينقاع مع انه کان من الامکان اجلائھم ایضا لان جمیعھم ینتسب الی دین واحد لكن الرسول صلى الله عليه و سلم احسن الى من بقي من طوائف الیھود و قابل يهود بني نضير هذا الاحسان بالاِساءۃ فحاولوا  الغدر  برسول الله ﷺ ومحاولۃ قتلہ فبینما كان يجلس بينهم ذهب احدهم ليلقى صخرۃ من اعلى على رسول الله ﷺ  ، ان الخيانۃ التي تسری فی د ماء اليهود قد دفعتهم الی ھذہ الجريمۃ التی لاعقاب لھا الا القتل جزاء وفاقا علی ما دبروا ومع ذلك فقد حقن رسول الله ﷺ دمائهم بعد ما مكنه الله من رقابهم و قذف في قلوبهم الرعب و اجلاھم خارج المدينۃ وتلك رحمۃ مسبوقۃ و نادرۃ الحدوث من غير المسلمين في التاريخ البشري۔
بني قريظۃ
و لم يعاقب رسول الله ﷺ باقي يهود المدينۃغیر بني نضير و لم یؤاخذھم بجرم اخوانهم الذين ارادوا قتله فقد كان بالمدينه يهود بني قريظۃ و كانوا على عھد و میثاق مع رسول الله ﷺ و مع المسلمين ان يدافعوا مع المسلمين ضد أی عدو يهاجم المدينۃ ولكنهم خانوا المسلمين فیی اشد الموقف حرجافقد راسلوا الاحزاب المجتمعۃ حول المديۃ و الآتیۃ من مكۃ وما حولها لغزو المدينۃ واستباحتها و هذہ خيانۃ عظمیٰ من هذه الفئۃ التي كانت على عهد و ميثاق مع الدولۃ الاسلاميۃ ثم هي في احلك الظروف تنقض العهد وتتعاون مع العدو المهاجم من خارج الدولۃ۔
فبسبب غزو هم و نقضهم للعهد الذي كان بينهم بين النبی ﷺ في احلک الظروف واصعبها على المسلمين فهل يدعى احد بعد ذلك ان العقاب الذي انزله النبي بھم فیہ شيء من الاجحاف و الظلم؟؟ و ماذا لوتم لهم من غدر وخيانۃ للمسلمين؟؟ ان مصير المسلمين في هذه الحالۃ من دون شك و هو القتل و التشرید وضياع المال و الولد و الاهل و اذا كان الجزاء من جنس العمل فلاشک ان ما لحق ببني قريظۃ امر يستحقونه نظير غدرهم وخيانتهم للعهد والميثاق رغم الوفاء الكامل من رسول الله ﷺ 15۔
يهود خيبر
اما يهود خيبر فقد تحالفوا مع من جاهم من يهود بني النضير کحي بن اخطب و كنانۃ بن ابي الحقيق وحوذۃ بن قيس الوائلي و غيرهم وخرج ھؤلاء الى قريش يدعونهم للتجمع والتحزب لاستئصال المسلمين في غزوه الاحزاب ثم خرجوا الى غطفان فدعوهم الى حرب رسول الله ﷺ وجعلوا لهم تمر خيبر سنۃ ان ھم ناصرو هم واخبروهم ان قريشا تابعوهم علی ذلك و اجتمعوا معهم فيه ثم خرج يهود الى بني سليم فوعدوهم المسير معهم اذا خرجت قريش، و قد كان رسول الله ﷺ علم کل هذا فعندما فرغ من امرقریش وا من جانبها بصلح الحديبيۃ تفرغ لِيهود خيبر و حاربهم۔ واسأل عند هذا المقام فھل یلام رسول اللہ ﷺ علی حربہ لمن حزب الاحزاب بغرض ابادۃ جماعۃ المسلمين ؟؟؟ كلا !! فعلم مما سبق من غزوات النبي ﷺ مع اليهود انها كلها كانت بسبب نقضهم العهود التي كانت بينهم بين النبيﷺ الواحدۃ تلوالاخرى۔
ثالثا: غزوات النبي مع النصارى ودوافعها
لم يكن احتکاک النصاری بالمسلمين مبكرا كما كان الحال مع المشركين و اليهود و ذلك لندرۃ النصاریٰ في منطقتی مكۃ والمدينۃ ولكن مع ازدیاد قوۃالمسلمین و انتشار الاسلام فی الجزيرۃ العربيۃ شعرت القبائل النصرانيۃ التي كانت في مناطق الشمال بالقلق والريبۃ، مما دفعها الى جمع الجموع لمهاجمۃ المسلمين و ذلك منعا لقوتهم من التزايد ولنفوذهم من النمو، و اشهر الغزوات مع النصارى ھی دومۃ الجندل وموتۃ و تبوك۔
دومۃ الجندل
كان اول تجمع نصراني من هذا النوع من قبائل قضاعۃ وغسان من اهل دومۃ الجندل وكانت هذه القبائل تعرض لقوافل المسلمین المارۃ بمناطقها ، بل کان منھم من یرید غزو المدینۃ۔
و ما ان علم رسول الله ﷺ ان هذا الجمع يريد ان يهاجم المدينۃ حتى خرج اليهم وذلك في ربيع الاول السنۃ الخامسۃ من الهجرۃ، وجاء الخبر اھل دومۃالجندل فتفرقوا ونزل رسول الله بساحتهم فلم يجد فيها احدا فا قام بها اياما و بث السرايا۔16
غزوۃ موتۃ
لما بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم الحارث بن عمير الازدي الي ملك بصری بكتاب نزل موتۃ فعرض له شرحبیل بن عمرو الغسان فربطه وضرب عنقه فبلغ رسول الله صلى الله عليه و سلم الخبر فاشتد عليه وندب الناس فاخبرھم بمقتل الحارث ومن قتلہ(17) و لم يكن امام المسلمين ازاء هذه الحوادث الا ان یردعوا الروم واشياعهم حتى لا يعادوا ما فعلوه مره اخرى فارسل النبي ﷺ حملۃ تاديبيۃ من ثلاث آلاف مقاتل وجمعت الروم نحو مائتی الف من رجالھم ومع الفارق المهول بين اعداد المسلمين الروماني الا ان المسلمين خاضوا هذه المعركۃ الشرسۃ فقتل قادتهم الثلاثۃ علی التعاقب: زيد بن حارثۃ و ابو جعفر بن ابي طالب و عبد الله بن رواحۃ رضي الله عنهم ۔
وهنا یثور التساؤل هل كان مطلوبا من المسلمين ان یصمتوا على قتل رسلهم واهانۃ كرامۃ دولتهم حتى لا يتهموا بانهم هم الذين يسعون الى القتال دائما؟؟؟ كلا۔
غزوه تبوک
وبعد غزوۃ موتۃبعام تجمع الرومان ومن شايعهم من قبائل العرب النصرانيۃ امثال : لخم و جذام و عاملۃ وغسان مرۃ اخرى في منطقۃ البلقاء الاردن حاليا يريدون دولۃ الاسلام، و علم رسول الله ان هناك تجمعات للرومان ومن حالفهم بهدف القضاء علی المدينۃ المنورۃ فقرر ان يخرج اليهم في شمال الجزيرۃ العربيۃ وبالتالي خرج رسول الله بنفسه علی راس اعظم جيوشہ واقرب خاصته لیلقی اعتی قوۃ في العالم وذلك حتى يحفظ دماء شعببہ فكانت غزوه تبوك المشهورۃ و القی الله الرعب في قلوب قادۃ الروم و جنودھم واتباعهم من نصاری العرب ففروا خائفين لا يلؤون على شيء وليس من الممكن ان يطلب من المسلمین ان یغمضوا اعينهم ويتعاموا عن المؤامرات التي تحاک ضدھم۔
هذه هي ملابسۃ الحروب التي خاضها رسول الله ﷺ مع المشركين و اليهود والنصارى وقد ظهر لنا من خلالها انه لم يبدء احدا فيها بعدوان بل كان يرد بها عدوانا واقعا اووشیک الوقوع لان الحرب لیست اول ما یلجأ الیہ المسلمون لحل خلافاتھم مع اعداءهم بل هي دائما كما بينا آخر الدواء۔
الاعتراضات على غزوات النبي واجاباتها
ان بعض الناس وخاصۃ المستشرقين یلقون كثيرا من الاعتراضات والشبهات على غزوات النبي ﷺ قائلین ان بعض غزواتہ کانت هجوميۃ، اوطالما ان محمد رسول الله ﷺ لیس متشوفا الى المعارک والحروب فلماذا هذا العدد الكبير من الغزوات والسرايا في حياتۃ؟؟؟ او ان النبي صلى الله عليه و سلم لجأ الی السطوعلی قوافل قریش التی محملۃ باثمن البضائع رغبۃ منه فی التوسع المال وتکديس الثروات و غير ذلك من الاعتراضات و اجاباتها فيما يلی۔
الجواب الاول
الاعتراض ان بعض الغزوات كانت هجوميۃ هذا اقول ليس له اساس من الصحۃ بل مردود من وجوہ فالنبي لم يقاتل الا من قاتله وكان رسول اللهﷺ يعلم اصحابه ويوجههم فيقول لهم مربيا و معلما: " لا تتمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافيۃ" (18) فالنبي ﷺ كان يكره القتل و الدماء، و من ثم فھو لم يبدأ بقتال بل انه یسعی بكل الطرق لتجنب القتال وسفك الدماء و هذا یثبت من خلال كثير من الاٰ يات منها قوله تعالي" وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا ان الله لايحب المعتدين" (19) الامر بالقتال انما جاء لمحاربۃ من یقاتل المسلمين فقط دون من سالمھم وجاءت التاكيد الشديد على ذلك المعنى بقوله تعالى " ولا تعتدوا"۔20
الجواب الثاني
ومما يؤكد ان المسلمين لم يكونوا يقاتلون الا من قاتلهم موقف المسلمين من مشركی الحبشۃ، فالمسلمون لم يفكروا في حربهم في يوم من الايام وهذه ظاهرۃ جديرۃ بالاهتمام وتؤید ما ذهبنا الیہ آنفا من ان الحرب فی الاسلام انماهي ضرورۃ دفع اليها المسلمون فقد كانت الحبشۃ قریبۃ نسبيا من المسمین و كانوا على درايۃ بها وباحوالھا كلها و على علم بالضعف الحرب الذي تعانيہ اذا قيست بالفرس و الروم فلماذا اذاً لم يحاربوبها ؟؟؟ اليس لذلك الا جواب واحد هو انہ لم تحاربهم ولم تعد عدتھا للقضاء على المسلمين كما فعل غيرها۔
الجواب الثالث
الاعتراض أن رسول الله ﷺ ما كان متشوفا الى المعارك والحروب فلماذا هذا العدد الكبير من الغزوات والسرايا في حياتہ؟؟ فجوابہ لقد غزا رسول الله ﷺ بنفسہ الشريفۃ غزوات عدیدۃ وارسل سرايا و بعوثا كثيرۃ و لكنه لم يكن في جميع غزواتہ و سرایاہ بادیا بقتال او طالبا لدنيا او جامعا لمال او راغبا فی زعامۃ او موسعا لحدود دولۃ او مملکۃ بل کل ذلك كان هدايۃً للناس وتحريرا للعقول ورفعا للظلم و ربطا للناس برب العالمين بأعلى اساليب العفة والشرف و النبل مما جعل هذه الغزوات انموذجا للتعامل الدولي في الحروب و الاساری۔ 21
الجواب الرابع
الشبهۃ ان النبي ﷺ لجأ الى السطو على قوافل قريش التي كانت محملة بأ ثمن البضائع رغبۃ منه فی التوسع المالی فجوابھا ان الوضع الذي عاش فيه المسلمون في العهد المكي كان شديدا فقد ضيق عليهم من قبل صناديد قريش وكبرائھا فقاموا بتعذیبھم والتنكيل بهم ومارسوا معهم کل اساليب الاضطهاد الديني و التعذيب الوحشي وجبروھم ان یترکوا اوطانهم ودیارھم وعلى الرغم من ذلك كله لم تقف قريش مکتوفۃ الايدي بل قامت بالاستيلاء على جميع ممتلكات المهاجرين واستباحۃ ديارهم و اموالهم فلما تم استقرار المسلمين في المدينۃ واستتب لهم الامر اراد النبي ﷺ ان يتعرض لقوافل قريش لکی يسترد بعض ثروات المهاجرين المنهوبۃ واموالهم المسلوبۃ۔
خلاصۃ البحث
ثبت مما سبق من بيان اسباب غزواتہ مع المشركين و اليهود و النصارى و من اجابات الاعتراضات ان غزواتہ مع المشرکین ما كانت الا اضطرارا و ما بدءها ابدا ولكنهم دائما كانوا يبداؤون وما ظلمهم لحظۃ واحدۃ بل كان يتحين الفرص للعفو، واما غزواتہ مع اليهود فكان بسبب نقذهم العهود التي كانت بينهم و بين النبيﷺ الواحدۃ تلو الاخرى فاصبح من الحكمۃ اتخاذ موقف حازم ازاء ما فعله اليهود،  وغزواته مع النصاری فالنصاری ايضا بداؤوا اولا حينما رأوا ازدياد قوۃ المسلمين و انتشار الاسلام في الجزيرۃ العربيۃ، والاعتراضات علي حروبہ و غزواتہ كلها داحضۃ وباطلۃ لا حقيقۃ لھا من الصحۃ۔
هذا ماعندي و الله اعلم بالصواب وصلی الله على نبينا محمد و على اٰله و سلم تسليما كثيرا۔
المراجع و المصادر:
1 ۔ صفی الرحمٰن المبارکفوری ، الرحیق المختوم (45)     2 ۔المرجع السابق (431)
3۔ ابن منظور، لسان العرب : غزا        4۔ ابن الحجر ، فتح الباری (56/8)
5۔ ابن سعد ، الطبقات (6-5-/8)      6۔ مسلم (1448/     7۔الحج : (39)     8 ۔ البقرۃ: (190)   9۔ البقرہ : (193)    
10۔ ابن السعدی ، تیسیر الکریم  الرحمٰن ۔۔۔۔۔۔۔۔(151/1) 11۔ ابن ھشام ، السیرۃ النبویۃ (61/2)  12 ۔ الطبرانی ، المعجم الکبیر (158/13)
13۔ احمد (8930) 14۔ ابن ھشام ، السیرۃ النبویۃ (47/2)
15 ۔ ابن کثیر،  السیرۃ النبویۃ (116-115 /4)    16 ۔ ابن سعد ، الطبقات (62/2)
17۔ ابن سعد ، الطبقات (128/2)      18۔ البخاری (2804)  
19۔ البقرۃ : 190      20۔ المرجع السابق
21۔ الدکتور فاروق حمادۃ ، العلاقات الاسلامیۃ النصرانیۃ فی العھد النبوی (1)

الإعداد : الشيخ جمال الدين جلال الدين التيمي حفظه الله تعالي.

        
أحدث أقدم